حولت ظاهرة احتلال الشواطئ بمدن شمال المملكة خصوصاً صيفَ ساكنة هذه المدن وزوارها إلى جحيم حقيقي، بين حرمان من الاستجمام ولحظات صراع لا تنتهي.
وشهد صيف هذه السنة على وجه الخصوص استفحالاً مهولاً للظاهرة، لدرجة أن مجانية الاستجمام والملك العام الذي كان في متناول المواطنين، وحقا من حقوقهم، أصبحَ في متناول ما اصطلح عليه بـ"مافيات الشواطئ".
يأتي المصطافون فيجدون أن الجانب المحاذي للبحر قد تم احتلاله بشكل كامل بواسطة أشخاص يدعون أحقيتهم في وضع المظلات والكراسي، ومن أراد أن يستغل المكان، فما عليه سوى أن يدفع ما يقارب 50 درهما، مع منعه من وضع مظلته الخاصة، أو حتى الاكتفاء بالجلوس فوق الرمال.
الأسئلة تتناسل دون إجابة
من يحمي هؤلاء؟ من يمنحهم هذا الحق في استغلال ملك عام لجميع المواطنين؟
لا أحد يحمل الإجابة، لكن تواطؤ السلطات واضح، لأنها يمكن أن تحجز تلك الكراسي والمظلات، بل وتمنع الظاهرة من أساسها، بقوة القانون.
كما أنه لا أحد استطاع أن يوقف هذا الزحف والتحدي الغريب، رغم عشرات الشكاوى التي تناسلت في مواقع التواصل خصوصا.
ظهرت فيديوهات لمواطنين يرصدون لحظات منعهم من استغلال الشواطئ بوقاحة منقطعة النظير، وفرض مبالغ مالية عليهم.
هذه الفيديوهات وهذا الضغط أسفر عن بضعة قرارات وحملات محتشمة هنا وهناك، كان على رأسها القرار الأخير لجماعة المضيق.
تدخلات محتشمة
يوم الأربعاء 2 غشت، صدر بلاغ لجماعة المضيق يفيد بأن اللجان التقنية المختصة تواصل حملاتها التنظيمية لمحاربة الاستغلال العشوائي وغير القانوني لشواطئ المدينة.
وأوضح المصدر أن اللجان التقنية المختصة، واصلت طيلة الأيام القليلة الماضية، تدخلاتها الميدانية الرامية الى مراقبة استغلال الشواطئ من قبل أصحاب الرخص الموسمية المتعلقة بكراء المظلات الشمسية والأنشطة الترفيهية على طول ساحل مدينة المضيق.
وقامت اللجان المختصة، المكونة من السلطات المحلية والمصالح الجماعية ومدير الشواطئ فضلا عن المصالح الأمنية والقوات المساعدة، بحجز مجموعة من المظلات والكراسي والطاولات ومعدات الترفيه التي لم يتقيد أصحابها بمضمون التراخيص الممنوحة لهم والتي تنظمها بنود دفتر تحملات خاص باستغلال الشواطئ لأغراض تجارية وترفيهية.
كما رصدت هذه اللجان انتشار مظاهر غير مسؤولة من طرف بعض أصحاب التراخيص، والتي كانت موضوع العديد من الشكايات تقدم بها مواطنون ومواطنات وزوار هذه الشواطئ وروادها.
كما دعت جماعة المضيق جميع أصحاب التراخيص الموسمية الخاصة باستغلال الشواطئ لأغراض تجارية وترفيهية الى التقيد بمضمون الرخصة والأماكن المحددة لها سلفا والمتضمنة في دفتر التحملات، مشيرة الى أنها ستشرع في الأيام المقبلة في سحب الرخص التي لا يلتزم أصحابها بالمقتضيات التنظيمية ذات الصل.
حقوقيون ينتفضون
استفحال الظاهرة غير المسبوق نتج عنه انتفاضة لعدد من الجمعويين والحقوقيين الذين أطلقوا "الحملة الوطنية لتحرير الشواطئ".
وفي هذا الصدد، استعرض المحامي عمر بنعجيبة، من هيئة طنجة، المادة 52ٍ من قانون العقوبات التي تقضي بغرامة بين 1200 و10 آلاف درهم "لكل من عرقل حرية ولوج العموم إلى شط البحر والمرور على امتداده خرقا للمادة 29".
المادة 29 من القانون 81,12 المتعلق بالساحل، في بابها الرابع تقول أنه "يعتبر الولوج بكل حرية إلى شط البحر والمرور على امتداده حقا للعموم، غير أنه يمكن الحد من هذا الولوج وهذا المرور أو منعهما في بعض المناطق عندما تستدعي ذلك أسباب تتعلق بالسلامة أو حماية البيئة أو الدفاع الوطني".
النشطاء الذين رفعوا شعار "لا لخوصصة الشواطئ" أكدوا على ضرورة وضع حد نهائي لهذه الظاهرة التي حولت السياحة الداخلية إلى كابوس، وقد تتسبب في كساد حقيقي في مستقبل المواسم.